وأما السنة: فما روى ابن عمر: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا» . وغير ذلك من الأخبار.
وأجمعت الأمة على وجوب الصلاة.
إذا ثبت هذا: فإن أول ما افترض الله تعالى من الصلاة قيام نصف الليل، أو دونه؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ} [المزمل: 1] {قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلا} [المزمل: 2] {نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلا} [المزمل: 3] {أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلا} [المزمل: 4] [المزمل: 1 - 4] . ثم نسخ ذلك، وخففه بقوله تعالى: {فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ} [المزمل: 20] [المزمل: 20] . يريد: صلوا ما تيسر.
قال ابن عباس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -: (كان بين أول السورة وآخرها سنة، ثم نسخ ذلك بالصلوات الخمس) . وقيل نسخ بقوله تعالى: {أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [الإسراء: 78] [الإسراء: 78] . واستقر الفرض على الصلوات الخمس ليلة الإسراء.
والدليل عليه: ما روي - في حديث المعراج -: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «فرض الله تعالى على أمتي خمسين صلاة، فلما لقيت موسى بن عمران - عَلَيْهِ السَّلَامُ -.. فقال: ما فعل معك ربك؟ فقلت: فرض على أمتي خمسين صلاة، فقال: ارجع، فاسأله التخفيف؛ فإن أمتك لا تطيق ذلك. فراجعته، فنقصني خمسًا - وفي رواية: فوضع شطرها - فما زلت أتردد بين ربي وموسى، حتى جعلها خمس صلوات، فقال موسى: ارجع إلى ربك، فاسأله التخفيف؛ فإن أمتك لا تطيق ذلك، فقلت: أستحيي، فإذا النداء - من عند الله تعالى -: ألا إني قد أمضيت فريضتي، وخففت عن عبادي، وجعلت الحسنة بعشر أمثالها، هي خمس، وهن خمسون، ما يبدل القول لدي، وما أنا بظلام للعبيد» .