والدليل عليه: قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولَئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} [الأنفال: 72] [الأنفال: 72] . ثم نسخ الله ذلك بالميراث بالرحم بقوله تعالى: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا} [الأحزاب: 6] [الأحزاب: 6] ، وفسر المعروف بالوصية.
وقال الله تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ} [النساء: 7] [النساء: 7] فذكر: أن لهم نصيباً في هذه الآية ولم يبين قدره، ثم بين قدر ما يستحقه كل وارث في ثلاثة مواضع من كتابه، على ما نذكره في مواضعه إن شاء الله تعالى.
إذا تقرر هذا: فإن الميت إذا مات.. أخرج من ماله كفنه وحنوطه ومؤنة تجهيزه من رأس ماله مقدما على دينه ووصيته، موسراً كان أو معسراً. وبه قال مالك وأبو حنيفة وأكثر أهل العلم - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - تعالى.
وقال الزهري: إن كان موسراً.. احتسب ذلك من رأس ماله، وإن كان معسراً احتسب من ثلثه.
وقال خلاس بن عمرو: يحتسب من ثلثه بكل حال.
دليلنا: ما روى خباب بن الأرت قال: «قتل مصعب بن عمير يوم أحد وليس له إلا نمرة، إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه، وإذا غطينا بها رجليه خرج رأسه، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: غطوا بها رأسه واجعلوا على رجليه من الإذخر» ، ولم يسأل عن ثلث ماله.
وروي: أن الرجل الذي وقص وهو محرم، قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «كفنوه في ثوبيه اللذين مات فيهما» ، ولم يعتبر الثلث.