وجملة ذلك: أن الكتابة تشتمل على معاوضة وصفة، (فالمعاوضة) قوله: كاتبتك على كذا. و (الصفة) قوله: فإذا أديت فأنت حر.

فإذا قال ذلك، أو قال: كاتبتك على كذا، ونوى به العتق.. كان صريحًا.

وإن قال: كاتبتك على كذا، ولم يقل: فإذا أديت فأنت حر، ولا نوى ذلك.. فقد نص هاهنا: (أنه لا يعتق) ، ونص في المدبر: أنه إذا قال: دبرتك، ولم يقل: إذا مت فأنت حر ولا نواه.. أنه يصير مدبرًا) .

واختلف أصحابنا فيهما على طريقين، مضى ذكرهما في التدبير.

[مسألة مكاتبة أحد الشريكين]

) : إذا كان عبد بين شريكين، فكاتبه أحدهما في نصيبه منه بغير إذن شريكه.. لم تصح الكتابة.

وقال الحكم، وابن أبي ليلى، والعنبري، والحسن بن صالح، وأحمد: (يصح)

دليلنا: أن الكتابة تقتضي إطلاقه في الكسب والسفر لأجل الكسب، وملك نصفه يمنع عن ذلك، ويمنع عن أن يأخذ شيئًا من الزكاة؛ لأن جميع ما يكتسبه يكون لسيده نصفه فلا يدفع إلى سيده الزكاة، ولأنه يضر شريكه بذلك؛ لأن قيمة نصيبه تنقص، فلم يصح.

وإن كاتبه بإذن شريكه.. ففيه قولان:

أحدهما: لا يصح. وهو اختيار المزني؛ لما ذكرناه فيه إذا كاتبه بغير إذن شريكه.

والثاني: يصح. وبه قال أبو حنيفة إلا أنه قال: (إذنه في ذلك يقتضي أن يؤدي العبد مال الكتابة من جميع كسبه، ولا يرجع الآذن بشيء) ، وعندنا يؤدي مال الكتابة مما يخص نصيب سيده الذي كاتبه من كسبه؛ لأن المنع من كتابته لحق شريكه، وقد زال ذلك بإذنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015