دليلنا: أن الله تعالى ذكر الخير في مواضع من كتابه وأراد به المال، وهو قَوْله تَعَالَى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ} [البقرة: 180] (البقرة: 180) وأراد به: إن ترك مالًا.
وكذلك قَوْله تَعَالَى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ} [العاديات: 8] (العاديات: 8) وأراد به: المال.
وذكر في مواضع أخر الخير وأراد به الدين، وهو قَوْله تَعَالَى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: 7] (الزلزلة: 7) يعني: عملًا صالحًا.
فإذا كان الخير يقع عليهما.. حملناه هاهنا عليهما؛ لأن المقصود بالكتابة لا يحصل إلا باجتماعهما.
فإذا اجتمع في العبد الكسب والأمانة، وسأل سيده أن يكاتبه.. استحب له أن يكاتبه؛ للآية، ولا يجب عليه ذلك. وبه قال كافة العلماء.
وحكي عن عمرو بن دينار، وعطاء، والضحاك، وداود: أنهم قالوا: (يجب عليه ذلك) .
دليلنا: أنه عتق لم يتقدم وجوبه، فلا يجب بطلب العبد، كالعتق في غير الكتابة.
وإن طلب السيد أن يكاتب العبد فكره العبد.. لم يجبر العبد على الكتابة؛ لأنه عتق على مال، فلم يجبر العبد عليه، كما لو قال له: إن أديت إلي ألفًا فأنت حر.. فإنه لا يجبر على أدائه.
وإن عدم الكسب والأمانة في العبد.. لم تستحب كتابته؛ لأنه لا يحصل المقصود بالكتابة مع فقدهما، ولا تكره كتابته.
وقال أحمد وإسحاق: (تكره كتابته إذا لم يكن له كسب، كما تكره مخارجة الأمة التي لا كسب لها) .
دليلنا: أنه تعليق عتق بصفة، فلا يكره، كما لو كان له كسب. ويخالف الأمة، فإن ذلك ربما دعاها إلى الزنا، ولأن المخارجة ليس فيها تحصيل العتق، وهاهنا ربما