فأما الوصية بالنظر: فإن من ثبت له الخلافة على الأمة.. فله أن يوصي بها إلى رجل توجد فيه شروط الخلافة على ما يأتي بيانه إن شاء الله في موضعه؛ لما ذكرناه من حديث أبي بكر وعمر رضى الله عنهما.
وإن ثبت لرجل النظر في ملك ولده الصغير، ولا جد للصغير من أبيه، ولا أم له.. فللأب أن يوصي بالنظر في ماله إلى من يصلح لذلك، ويكون وصي الأب أولى بالنظر في مال الصغير من الحاكم؛ لما روي: (أنه أوصى إلى الزبير سبعة من أصحاب النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في أمر أولادهم الصغار، منهم: عثمان، والمقداد، وعبد الرحمن، وابن مسعود) .
وإن كان للصغير جد من أبيه يصلح للنظر، فأوصى الأب إلى غير الجد.. كان الجد أولى بالنظر.
وقال أبو حنيفة: (وصي الأب أولى من الجد) وبه قال بعض أصحابنا الخراسانيين، والجويني؛ لأنه لما كان الأب أولى بالنظر من الجد.. كان وصيه أولى من الجد، كما قلنا في وصي الأب مع الحاكم.
وهذا غلط؛ لأنها ولاية يستحقها الجد بالقرابة، فكان مقدما على وصي الأب، كولاية النكاح.
وإن لم يكن للصبي جد، ولكن له أم تصلح للنظر في ماله، وأوصى الأب إلى غيرها: