فإن وهب لبعض أولاده دون بعض، أو فاضل بينهم.. صح ذلك، ولم يأثم به، غير أنه قد فعل مكروها، وخالف السنة. وبه قال مالك وأبو حنيفة.
وقال طاووس، وأحمد، وإسحاق: (لا تصح الهبة) .
وقال داود: (تصح، ولكن يجب عليه أن يرجع فيها) .
دليلنا: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث النعمان بن بشير: " فارجعه ". فلولا أن الهبة قد صحت.. لما أمره بالرجعة.
وفي رواية: «أن النعمان بن بشير قال: يا رسول الله! إن أمه قالت: لا أرضى حتى يشهد رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فلما قال له ما قال من أنه لم ينحل جميع ولده مثله.. قال له النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - " أشهد على هذا غيري» فلو لم تصح الهبة.. لما أمره بأن يشهد عليه غيره، وإنما امتنع من أن يشهد على ذلك، لئلا يصير ذلك سنة.
وروي: أن أبا بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (نحل عائشة جداد عشرين وسقًا من ماله دون سائر أولاده) .
وروي: (أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وهب ابنه عاصمًا دون عبد الله وعبيد الله وزيد) . وكذلك روي عن عبد الرحمن بن عوف. ولا مخالف لهم.