إذا ثبت هذا: فإن الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - قال: (ولا يجوز أن يخرجها من ملكه إلا إلى مالك منفعة يوم يخرجها إليه) .
فإن قال قائل: لم قال الشافعي: (لا يجوز الوقف إلا على مالك) وعنده يجوز الوقف على المساجد والسقايات والقناطر والمقابر؟!
قلنا: عن ذلك جوابان:
أحدهما: أن الوقف على المساجد والسقايات والقناطر والمقابر وقف على المسلمين في الحقيقة؛ لأن منفعة هذه الأشياء ترجع إليهم.
والثاني: أنه أراد بذلك: إذا وقف على الآدمي.. فلا يصح الوقف إلا على موجود حي. فأما الميت والمعدوم: فلا يصح الوقف عليه.
فإن قيل: أليس لو وقف على أولاده وعقبهم.. جاز، وأن كان العقب لم يخلق؟
قلنا: إنما جاز ذلك على سبيل التبع للموقوف عليه الموجود.
وإن وقف مسلم أو ذمي على ذمي.. صح الوقف؛ لأنه يصح أن يملك بصدقة التطوع.. فصح الوقف عليه، كالمسلم.
وإن وقف مسلم أو ذمي على كنائس أهل الذمة وبيعهم.. لم يصح الوقف؛ لأنها مجامع الكفر ومشاتم الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وكذلك الوقف على خادمها.. لا يصح؛ لأن خدمتها من عمارتها.
وإن وقف على النازلين في الكنائس من المارة من أهل الذمة.. قال ابن الصباغ: صح الوقف؛ لأنه وقف على أهل الذمة دون الكنائس والبيع.
وإن وقف شيئًا على كتب التوراة والإنجيل.. لم يصح؛ لأنها مبدلة مغيرة، فلا حرمة لها.
وإن وقف شيئًا على من يقطع الطريق، أو يرتد عن الدين.. لم يصح؛ لأن الوقف