إقراره آكد من البنية. لأنه لا يتهم في إقراره على نفسه، والبينة متهمة. ثم ثبت أن البينة لو قامت برقه.. حكم برقه، فكذلك إذا أقر على نفسه.
والثاني: لا يقبل إقراره؛ لأنه محكوم بحريته بظاهر الدار، فلم يقبل إقراره بالرق، وقد تعلق عليه حقوق لله تعالى، فلم يقبل إقراره بما يسقطها، كما لو أقر بالحرية، ثم أقر بالرق. ويخالف المجهول؛ لأنه لم يلزمه حق لغيره فيسقطها بالإقرار.
وقال عامة أصحابنا: يقبل إقراره في الجميع، فيما له وفيما عليه؛ لأن هذه الأحكام فرع للرق، فإذا ثبت الأصل.. ثبتت فروعه، ولأن إقراره آكد من البينة. ثم لو قامت البينة.. لثبتت عليه جميع أحكام الرق، فكذلك إذا أقر.
والثاني: يقبل قوله فيما يضره، ولا يقبل فيما يضر غيره. وبه قال أبو حنيفة، واختاره المزني؛ لأن إقراره تضمن ما يضره ويضر غيره، فقبل قوله فيما يضره، ولم يقبل فيما يضر غيره، كمن أقر بدين عليه وعلى غيره. ولأن اللقيط قد يكون جارية وقد أنكحها الحاكم، فإذا قلنا: يقبل قولها فيما يضر غيرها.. أدى إلى أن ينفسخ النكاح بقولها، والنكاح لا ينفسخ بقول النساء. وقول الأول: (إن الأصل إذا ثبت.. تثبت فروعه) يبطل بالرجل إذا مات وخلف أخا وارثا، فأقر الأخ بابن للميت.. فإن النسب يثبت، ولا يثبت الميراث. وهذا الطريق أصح؛ لأن الشافعي قال: (قبل إقراره، وفي إلزامه الرق قولان) وأراد: في إلزامه أحكام الرق قولان. فإن قلنا بالطريق الأول، فإن قلنا: يقبل إقراره في الرق.. كان حكمه حكم الرقيق إذا تصرف بغير إذن سيده في التصرفات الماضية والمستقبلة. وإن قلنا: لا يقبل قوله في الرق.. لم يؤثر هذا الإقرار في التصرفات الماضية ولا في المستقبلة.
وإذا قلنا بالطريق الثاني، وعليه التفريع.