إقامة البينة على أن الولد منها قطعًا، فلم يقبل قولها بمجرد الدعوى، والأب لا يمكنه إقامة البينة على أن الولد منه قطعًا، فلذلك قبلنا قوله، كما نقول فيمن علق طلاق امرأته على ولادتها، أو على دخول الدار، فإنه لا يقبل قولها على الولادة والدخول إلا ببينة. ولو علق طلاقها على حيضها.. قبل قولها فيه من غير بينة.
والثاني: منهم من قال: تقبل دعوتها بكل حال؛ لأنها أحد الأبوين.. فقبل قولها في إلحاق النسب بها، كالأب. ولأن المرأة كالرجل في الجهات التي يلحق منها النسب، وتزيد عليه في أنها يلحقها ولدها الذي زنت به. فإذا لحق الرجل النسب بالإقرار.. فالمرأة بذلك أولى.
فعلى هذا: إن كانت فراشًا لزوج أو سيد.. لم يلحق الولد بالزوج ولا بالسيد؛ لأنا إنما ألحقناه بها لإقرارها. ولم يوجد من الرجل إقرار. وإن كانت مملوكة.. لم يحكم برقه؛ لأنا نقبل قولها فيما يضره.
والثالث: منهم من قال: إن كانت فراشًا لزوج أو سيد.. لم يلحقها النسب؛ لأن ذلك يتضمن إلحاق النسب بغيرها من غير رضاه. وإن كانت خالية من الفراش.. لحقها النسب؛ لأنه لا يتضمن إلحاق النسب بغيرها.
إذا ادعى رجلان بنوة لقيط.. لم يلحق بهما. وبه قال مالك وأحمد.
وقال أبو حنيفة: (يلحق بهما) .
وقال المتأخرون من أصحاب أبي حنيفة: يجوز أن يلحق الولد بمائة أب.
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} [الحجرات: 13] (الحجرات: 13) .
إذا ثبت هذا: نظرت في المتداعيين: فإن جاءا معًا وادعيا نسبه، ولا بينة مع أحدهما.. فإنه يعرض على القافة. فإن ألحقته بأحدهما.. لحق به. وبه قال علي