فمنهم من قال: تقبل دعوته، ويثبت النسب منه؛ لأن العبد كالحر في جهات استحقاق النسب من الوطء بالنكاح وبالشبهة.. فكان كالحر في دعوة النسب.
ومنهم من قال: فيه قولان:
أحدهما: تقبل دعوته، ويثبت النسب منه، لما ذكرناه.
والثاني: لا تقبل دعوته؛ لأن في ذلك إبطال حق السيد من الولاء عليه؛ لأنه قد يعتقه ويموت، فيكون ميراثه لابنه.
ومنهم من قال: لا تقبل دعوته قولًا واحدًا، لما ذكرناه.
والطريق الأول هو نقل البغداديين من أصحابنا، وهو المشهور.
فعلى هذا: لا يسلم اللقيط إلى أبيه؛ لأنه مشغول بخدمة سيدة، ولا تجب عليه نفقته؛ لأنه مملوك، ولا تجب على سيده لأن الولد حر، فلم تجب على مولى العبد نفقته.
وإن أدعى كافر بنوة اللقيط، قبلت دعوته، وثبت نسبه منه؛ لأنه كالمسلم في الجهات التي يثبت منها النسب، من الوطء بالنكاح في الملك والشبهة.. فكان كالمسلم في لحوق النسب به، وهل يلحق به في الدين؟
قال الشافعي ها هنا: (أحببت أن أجعله مسلمًا) فظاهر هذا: أنه يكون كافرًا. وقال في (الدعوى والبينات) : (أجعله مسلمًا) . فظاهر هذا: أنه لا يكون كافرًا.
واختلف أصحابنا فيها:
فقال أبو إسحاق: ليست على قولين، وإنما هي على اختلاف حالين:
فحيث جعله كافرًا.. أراد: إذا أدعى نسبه وأقام على ذلك بينة؛ لأنه إذا ثبت بالبينة أنه ولد على فراش كافر.. كان مولودًا بين كافرين، فكان كافرًا.
والموضع الذي جعله مسلمًا.. أراد: إذا أدعى بنوته ولم يقم بينة. فإنه يلحقه نسبه، ولا يكون كافرًا؛ لأنا حكمنا بإسلامه بظاهر الدار.. فلا نحكم بكفره بقول كافر.