أحدهما: لا يجوز؛ لأنه ربما عاد ذلك المعنى فيحتاج إلى ذلك الحمى، كما قلنا في المحلة إذا خربت وفيها مسجد.. فلا يجوز نقضه ونقل خشبه، ولأن ما فعله النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معلوم أنه مصلحة، فلا يجوز تغييره، كما أمر بالرمل والاضطباع بسبب، ولم يزل بزوال ذلك السبب.
والثاني: يجوز إحياؤه.
قال الشيخ أبو حامد: وهو الصحيح؛ لأن الحكم إذا وجب لعلة.. زال بزوال العلة، بخلاف المسجد، فإنه يرجى عود العمارة فيحتاج إلى المسجد ولا يتمكن منه؛ لأنه لا يحتاج إلى الإنفاق عليه، وليس كذلك الحمى؛ لأنه إن عاد ذلك المعنى واحتيج إلى الحمى.. فإنه يحمى في الوقت، ولا شيء يتعذر.
وأما إذا حمى الإمام مواتًا لمصلحة، وقلنا: يصح حماه، فأحياه إنسان، فإن كان بإذن الإمام.. جاز وملكه إذا أحياه؛ لأن إذن الإمام نقض لذلك الحمى، وإن أحياه بغير إذنه.. قال ابن الصباغ.. فقد قيل: فيه وجهان، وقيل: هما قولان:
أحدهما: لا يملكه من أحياه؛ لأنها أرض محمية، فلم يملكها من أحياها، كالذي حماه النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
والثاني: يملكه؛ لأن الملك بالإحياء ثبت بالنص، وحمى الإمام اجتهاد، فكان النص مقدمًا على الاجتهاد.
قال الشيخ أبو حامد: كان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ابتداء الإسلام ـ حيث كان الأمر ضيقًا ـ ما كان يدخر إلا قوت يوم لنفسه وعياله، ويتصدق بالباقي في بره، فلما انتشر