أحدهما: ليس له ذلك؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا حمى إلا لله ولرسوله» ، ولأنه لا يجوز له أن يحمي لنفسه، فلا يحمي لغيره كآحاد الرعية.
والثاني: يجوز، وبه قال مالك وأبو حنيفة، وهو الصحيح؛ لما روي في بعض الأخبار: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «لا حمى إلا لله ولرسوله ولأئمة المسلمين» .
وروي: أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (أتاه أعرابي من أهل نجد وقال: يا أمير المؤمنين: بلادنا قاتلنا عليها في الجاهلية، وأسلمنا عليها، فعلام تحميها؟ فأطرق عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - وجعل ينفخ ويفتل شاربه ـ وكان إذا كره أمرًا فعل ذلك ـ فجعل الأعرابي يردد ذلك عليه، فقال عمر: المال مال الله، والعباد عباد الله، فلولا ما أحمل عليه في سبيل الله.. ما حميت عليهم شبرًا في شبر) .
قال مالك: (نبئت أنه كان يحمل في كل عام على أربعين ألفًا من الظهر) ، وقال مرة: (من الخيل) .
وروي: (أن عمر حمى موضعًا وولى عليه مولى له يسمى هنيًا، وقال: يا هني: ضم جناحك للناس، واتق دعوة المظلوم، فإن دعوة المظلوم مجابة، وأدخل رب الصريمة ورب الغنيمة، وإياك ونعم ابن عفان، ونعم ابن عوف، فإنهما إن تهلك ماشيتهما.. يرجعا إلى نخل وزرع، وإن رب الصريمة والغنيمة، إن تهلك ماشيته.. يأتيني بعياله فيقول: يا أمير المؤمنين، يا أمير المؤمنين، أفتاركهم أنا، لا أبا لك؟ إن الماء والكلأ أهون علي من الدينار والدرهم، وايم الله: إنهم ليرون أني ظلمتهم،