بعد عمارته من غير إحداث عمارة وعمل آخر، فهذا لا يمكن في المعادن؛ لأنه لا ينتفع بها إلا بعمل متجدد في كل شيء يأخذه.
قال الشافعي: (ولأنه لو ملكه.. لجاز بيعه، وبيعه لا يجوز؛ لأن المقصود منه مجهول) .
فإذا قلنا: يملكه بالإحياء.. فإحياؤه هو العمل الذي يتوصل به إلى نيله، وقبل ذلك تحجر.
وإن قلنا: إنه لا يملكه.. فلا يجوز تحجره، بل لكل أحد أن يجيء ويأخذ منه.
فإن أطال المقام عليه، فهل تزال يده؟ على وجهين، كما قلنا في المعادن الظاهرة.
وإن سبق إليه اثنان في حالة واحدة.. فهو كما لو سبقا إلى معدن ظاهر على ما مضى. هذا ترتيب الشيخ أبي إسحاق، وذكر الشيخ أبو حامد والمحاملي: أنه لا يأتي فيه إلا وجهان:
أحدهما: يقرع بينهما.
والثاني: يقدم الإمام من يرى منهما. ولا يجيء الثالث، وهو: أن يقسم بينهما؛ لأن الموضع لا يتسع إلا لأحدهما.
وإن عمل جاهلي في الموات على معدن باطن، وظهر على نيله، ثم غلب المسلمون على تلك الأرض.. فهو كما لو لم يعمل عليه. وهل يملك بالإحياء؟ على القولين.
فإن قيل: هلا قلتم: إنه يصير غنيمة على القول الذي يقول: إن هذه المعادن تملك بالإحياء؟
فالجواب: أن المعادن إنما تملك بالإحياء إذا قصد المحيي تملكها، ونحن لا نعلم أن الجاهلي قصد تملكها أم لا، فجرى مجرى من حفر بئرًا في موات وارتحل عنها، فإنه يجوز لغيره الانتفاع بها؛ لأنا لا نعلم أنه يملكها أم لا؟