قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «البينة على من ادعى، واليمين على من أنكر» . والخياط يدعي على رب الثوب الإذن، ولأنهما لو اختلفا في أصل الإذن.. لكان القول قول رب الثوب، فكذلك إذا اختلفا في صفته.

قال ابن الصباغ: وعندي: أنه يكفيه أن يحلف أنه ما أذن له في قطعه قباء، ولا يحتاج إلى إثبات إذنه في قطع القميص، فإذا حلف.. وجب الغرم على الخياط؛ لأنه أثبت بيمينه أن الخياط غير مأذون له في قطعه، والقطع بغير إذن يوجب الغرم، وفي قدر الغرم قولان:

أحدهما: يجب ما بين قيمة الثوب صحيحًا ومقطوعًا قباء؛ لأنه تعدى بقطعه قباء، فلزمه أرش القطع.

والثاني: يلزمه ما بين قيمته مقطوعًا قميصًا ومقطوعًا قباء؛ لأن قطع القميص مأذون فيه. وهل يجب للأجير أجرة؟ فيه وجهان:

[الأول] : قال أبو علي بن أبي هريرة: يجب له أجرة قطع ما تحصل من قطع القباء للقميص؛ لأنه مأذون فيه.

و [الثاني]ـ المنصوص ـ: (أنه لا شيء له) ؛ لأنه لم يقطعه للقميص، فهو متعد في ابتداء القطع.

وإذا قلنا: إنهما يتحالفان ـ وهو اختيار الشيخ أبي إسحاق ـ فوجهه: أن كل واحد منهما مدع ومدعى عليه؛ لأنه الخياط يدعي الأجرة، ورب الثوب ينكرها. ورب الثوب يدعي الأرش، والخياط ينكره، فتحالفا، كالمتبايعين إذا اختلفا في قدر الثمن.

فعلى هذا: إذا حلف أحدهما ونكل الآخر.. كان الحكم فيه كما لو قلنا: إن القول قول الحالف، وحلف. وإن حلفا.. لم يستحق الخياط الأجرة؛ لأن التحالف يوجب رفع العقد، والخياطة من غير عقد لا يستحق لها أجرة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015