قال: يصح، ويكون الباقي للعامل؛ لأن قوله: ساقيتك.. يقتضي اشتراكهما في الثمرة، فإذا شرط لنفسه شيئًا من الثمرة.. بقي الباقي للعامل. والأول أصح.
فإذا قلنا بالأول: فعمل العامل.. فهل يستحق أجرة؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يستحق؛ لأنه رضي أن يعمل بغير عوض.
والثاني: يستحق أجرة المثل؛ لأن المساقاة تقتضي العوض.
وإن قال: ساقيتك على هذه النخيل، على أن الثمرة كلها لي.. لم يستحق العامل شيئًا من الثمرة؛ لأنه لم يشترط له منها شيئًا، فإن عمل الأجير.. فهل يستحق أجرة؟ على الوجهين.
وإن قال: ساقيتك على أن الثمرة كلها لك.. لم يصح؛ لأن هذا شرط ينافي مقتضى المساقاة، فإن عمل الأجير.. استحق أجرة المثل، وجهًا واحدًا؛ لأنه لم يرض بغير عوض.
وإن قال رب النخيل لرجل: اعمل لي على هذه النخلة، والثمرة كلها لي.. قال الشيخ أبو حامد: فإن ذلك كالبضاعة، فتكون الثمرة كلها لرب النخيل.
وإن قال له: خذ هذه النخيل، واعمل عليها، والثمرة كلها لك.. قال الشيخ أبو حامد: فإن ذلك يكون قرضًا للنخيل، كما لو قال: اعمل لي على هذه الدراهم، والربح كله لك.
ولعل الشيخ أبا حامد أراد: أن النخيل تكون مقبوضة بحكم القرض الفاسد؛ لأن اقتراض النخيل لا يصح، واقتراض الثمرة على النخل لا يصح، والذي يقتضي المذهب: أنه أباح له ثمرة النخل؛ لأن الإباحة تصح في الموجود والمعدوم، والمعلوم والمجهول.
وإن قال: ساقيتك على هذا البستان بالنصف، على أن أساقيك على البستان الآخر بالثلث.. لم يصح؛ لأنه في معنى بيعتين في بيعة.