والثاني: لا تصح المساقاة؛ لأن المساقاة إنما تصح إلى مدة تحمل فيها في الغالب، وهذه المدة لا تحمل فيها في الغالب.
فعلى هذا: إذا عمل.. استحق أجرة المثل، وجها واحدا؛ لأنه لم يرض أن يعمل إلا بعوض.
قال الشافعي: (وتجوز المساقاة سنة) ، وقال في (الإجارة) في موضع: (لا تجوز الإجارة أكثر من سنة) ، وقال في موضع: (يجوز أن يؤاجر عبده وداره ثلاثين سنة) ، وقال في (الدعوى والبينات) : (يجوز ما شاءَا) .
ولا يختلف أصحابنا في أن المساقاة والإجارة في ذلك واحدة، واختلفوا في أكثر مدتهما [على وجهين] :
فـ[الأول] : منهم من قال: في المسألتين ثلاثة أقوال:
أحدهما: لا تجوز أكثر من سنة؛ لأنهما عقدان على غرر، فكان القياس يقتضي أن لا يصحا، وإنما حكم بصحتهما للحاجة، والحاجة لا تدعو إلى أكثر من سنة؛ لأن منافع الأعيان تتكامل فيها.
والثاني: تجوز ثلاثين سنة، ولا يجوز أكثر منها؛ لأنها مدة كثيرة، ولأنها نصف العمر؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أعمار أمتي ما بين الستين إلى السبعين» . فالأشياء لا تبقى على حالة واحدة أكثر منها.