وإن باع العبد شيئا بغير إذن مولاه.. لم يصح؛ لأنه مال لسيده، فلم يصح بيعه بغير إذنه، كمال الأجنبي.

وإن اشترى العبد شيئا في ذمته، أو اقترض شيئا.. فهل يصح؟ فيه وجهان:

(الأول) : قال أبو إسحاق، وأبو سعيد الإصطخري: لا يصح؛ لأنه عقد معاوضة، فلم يصح من العبد بغير إذن سيده، كالنكاح.

و (الثاني) : قال أبو علي بن أبي هريرة، وغيره: يصح؛ لأنه محجور عليه لحق غيره، فصح تصرفه بثمن في ذمته، كالمفلس، وفيه احتراز من السفيه.

فإذا قلنا: يصح الشراء والقراض.. قال ابن الصباغ: فللبائع والمقرض الرجوع فيه إذا كان في يد العبد؛ لأنه قد تحقق إعساره، وإن كان قد تلف في يده.. رجع عليه بالثمن وعوض القرض إذا أعتق وأيسر، وإن كان السيد قد قبضه.. فقد ملكه، وليس للبائع والمقرض الرجوع فيه؛ لأن السيد أخذ ذلك، وله أخذه، فسقط حق البائع والمقرض، كما يسقط حق البائع ببيع المبيع ورهنه، ويكون للبائع أو المقرض العوض في ذمة العبد إلى أن يعتق ويوسر.

وذكر الشيخ أبو إسحاق: أن المبيع يدخل في ملك السيد، فإن علم البائع برقه.. لم يطالبه بشيء حتى يعتق، وإن لم يعلم برقه، ثم علم.. فهو بالخيار: بين أن يصبر إلى أن يعتق، وبين أن يفسخ البيع، ويرجع إلى عين ماله، ولم يفرق: بين أن يقبضه السيد من العبد، أو لم يقبضه.

وإن قلنا: إن الشراء والقرض فاسدان.. فإن البائع والمقرض يرجعان في العين إذا كانت باقية، سواء كانت في يد العبد أو في يد السيد؛ لأن ملكهما باق عليها. وإن كانت تالفة، فإن تلفت في يد العبد قبل أن يقبضها السيد.. رجع عليه البائع والمقرض ببدلها إذا عتق وأيسر، وإن قبضها السيد.. فالبائع والمقرض بالخيار: بين أن يرجع على السيد ببدلها في الحال، وبين أن يصبر إلى أن يعتق العبد ويوسر، فيرجع عليه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015