وإن كانت الدار بين رجلين، فباع أحدهما نصيبه فيها.. ثبت لشريكه فيه الشفعة، فإن باع الشفيع نصيبه فيها قبل أن يعلم بالشراء.. فهل تسقط شفعته؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا تسقط شفعته منها؛ لأنه استحق الشفعة ببيع شريكه، وملكه حينئذ باق على الشقص، فلم تسقط شفعته بزوال ملكه.
والثاني - وهو قول أبي العباس -: أن شفعته تسقط؛ لأن سبب استحقاقه للشفعة وجود ملكه، وقد زال ملكه، فوجب أن يسقط استحقاقه للشفعة.
فإذا قلنا بهذا: فباع الشفيع بعض حقه.. ففيه وجهان، خرجهما أبو العباس:
أحدهما: لا تسقط شفعته؛ لأن الشفعة تستحق بقليل الملك وكثيره، وقد بقي له ملك فاستحق به الشفعة، كما لو بيع شيء من ملكه.
والثاني: تسقط شفعته؛ لأن الشفعة يستحقها بجميع ملكه، فإذا باع بعضه.. سقط ما يقابله، فإذا سقط البعض.. سقط الجميع، كما لو عفا عن بعض شفعته.
وإن وجبت له الشفعة في الشقص، فأراد أن يأخذ بعضه.. لم يكن له ذلك؛ لأن في ذلك تفريقا للصفقة على المشتري، فإن قال: عفوت عن أخذ نصف الشقص.. ففيه ثلاثة أوجه، حكاها المسعودي [في " الإبانة " ق\ 319] :
أحدهما - وهو قول البغداديين من أصحابنا -: أن شفعته تسقط في الجميع، كما لو عفا عن بعض حقه من القصاص.
والثاني: لا يسقط شيء من شفعته.
والثالث: يسقط حقه من نصف الشقص، وله أخذ الباقي إذا رضي المشتري بذلك.