دليلنا: أنه خيار تملك، فلا يصح بدل العوض فيه، كخيار الثلاث، وهل تسقط الشفعة؟ فيه وجهان:
أحدهما: تسقط؛ لأنه لما عدل عن الشفعة إلى العوض.. كان ذلك رضا بإسقاطها.
والثاني: لا تسقط وهو الصحيح؛ لأنه عدل عن الشفعة إلى عوض، فإذا لم يصح له العوض.. رجع إلى شفعته، كما لو باع له عينا بثمن لا يصح.
قال الشافعي: (وإن كان بينهما دار بمكة، فحصلا بمصر، فباع أحدهما نصيبه منها، وعلم شريكه، فلقي الشفيع المشتري، فلم يشفع عليه حتى رجعا إلى مكة، فشفع عليه.. لم يكن له ذلك؛ لأنه أخر الأخذ من غير عذر، فإن قال: إنما أخرت المطالبة لأستيقن بقاء الدار، ولأقبض الشقص.. لم يقبل منه ذلك؛ لأن الأصل بقاؤها، ولأن المطالبة بالشفعة لا توقف على تسليم الشقص) .
فرع: [نقد دنانير لأجل الشقص فكانت مستحقة] :
وإن خرجت الدنانير التي دفعها الشفيع مستحقة. نظرت:
فإن شفع بدنانير في ذمته، مثل: أن قال: أخذت الشفعة بالثمن الذي اشتريت به، أو أخذت الشقص على الثمن الذي اشتريت به، ثم نقد الدنانير إلى المشتري، فبان أنها مستحقة.. فقد ملك الشفيع الشقص بالثمن الذي في ذمته، فإذا استحق ما نقده.. لم تبطل شفعته، بل يلزمه أن ينقد دنانير يملكها، كما لو اشترى عينا بثمن في ذمته، ثم نقد عما في ذمته بدنانير، فاستحقت.. فإن الشراء لا يبطل.
وإن شفع بعين الدنانير، مثل: أن قال: أخذت الشفعة أو الشقص بهذه الدنانير ثم استحقت.. فهل تبطل شفعته؟ فيه وجهان:
أحدهما: تبطل؛ لأنه لما أخذ الشفعة بدنانير لا يملكها صار كأنه ترك أخذ الشقص مع القدرة عليها.