الشقص على المشتري بأرش العيب، وهل يرجع المشتري على الشفيع بشيء؟ قال أصحابنا: ينظر فيه:
فإن كان الشفيع قد دفع إلى المشتري قيمة العبد سليما. فلا يرجع عليه بشيء؛ لأنه قد أخذ منه قيمته سليما، فدخل في جملة ذلك أرش العيب.
وإن كان قومه عليه معيبا.. فهل يرجع عليه بشيء فيه وجهان:
أحدهما: لا يرجع عليه؛ لأنه استحقه بما سمي في العقد.
والثاني: يرجع عليه؛ لأن الثمن استقر على المشتري بالعبد والأرش.
قال ابن الصباغ: وينبغي أن يرجع هاهنا، وجها واحدا بخلاف ما تقدم من قيمة الشقص؛ لأن العقد اقتضى أن يكون العبد سليما، فما دفع إلا ما اقتضاه العقد، بخلاف قيمة الشقص، ولهذا لو كان دفع قيمة عبد سليم.. لم يكن للشفيع أن يرجع عليه بقدر قيمة العبد، فثبت أن ذلك مستحق على الشفيع.
قلت: والذي يقتضي المذهب: أن قيمة الشقص إذا كانت أكثر من قيمة العبد، وأخذ الشفيع بقيمته سليما.. أن حكمه حكم ما لو أخذ الشقص بقيمته معيبا؛ لأن البائع إنما يرجع على المشتري بالأرش بجزء من قيمة الشقص، فحينئذ يستقر عليه الشقص بأكثر من قيمة العبد، وهل يكون له الرجوع بالفضل؟ على ما مضى من الوجهين.
قد ذكرنا: أن الشقص إذا جعل مهرا في نكاح، أو عوضا في خلع، أو أجرة في إجارة.. فإن الشفعة تثبت فيه، ومضى خلاف أبي حنيفة فيها.
إذا ثبت هذا: فإن الشفيع يأخذه، ويلزمه أن يدفع إلى المرأة مهر مثلها إذا كان صداقا، ويدفع إلى الزوج مهر مثل المرأة التي خالعته عليه، ويدفع إلى المؤاجر أجرة مثل المنفعة التي جعل الشقص أجرة عنها.