والقول الثالث ـ ذكره الشافعي في الجديد، وهو الصحيح ـ: (أن الشفيع بالخيار: بين أن يعجل المائة، ويأخذ الشقص، وبين أن يصبر، ويترك الشقص في يد المشتري إلى أن يحل الأجل، فيأخذ بالمائة) ؛ لأنه لا يجوز أن يأخذ بمائة مؤجلة؛ لأن الذمم لا تتماثل، ولا يجوز أن يأخذ بسلعة تساوي مائة إلى الأجل؛ لأن الشفيع لا يأخذ بغير جنس الثمن، فإذا بطل هذان القسمان.. لم يبق إلا أن يجبر على ما ذكرناه. فإن مات المشتري قبل حلول الأجل.. حل الثمن في تركته، ولم يحل على الشفيع، بل هو بالخيار على ما ذكرناه، وإن لم يمت المشتري، ولكن باع الشقص قبل حلول الأجل.. صح البيع؛ لأنه ملكه، والشفيع بالخيار: بين أن يأخذ بالبيع الثاني، وبين أن يفسخ الثاني، ويأخذ بالأول.
] : إذا باع رجل في مرض موته شقصا له من دار بثمن مثله من وارثه.. صح البيع، سواء كان الشفيع وارثاً أو غير وارث، ولا يعترض عليه في ذلك، وبه قال أبو يوسف، ومحمد.
وقال أبو حنيفة: (لا يصح بيعه؛ لأنه محجور عليه في حقه، فصار كبيع الصبي) .
وهذا ليس بصحيح؛ لأنه محجور عليه في حقه بالشرع، كما يحجر عليه في حق الأجنبي فيما زاد على الثلث، فأما البيع منه بثمن المثل: فغير محجور عليه في حقه.
وإن حاباه، بأن باع منه شقصاً يساوي ألفين بألف.. فالورثة بالخيار مع المحاباة هاهنا، سواء احتملها الثلث أو لم يحتملها الثلث، فإن أجازوها.. أخذها الشفيع، وإن لم يجيزوها.. فإن البيع يصح في نصف الشقص بألف، ويرجع إلى الورثة نصف الشقص، فإن اختار الشفيع أخذ نصف الشقص بالألف.. أخذه، ولم يكن للمشتري فسخ البيع؛ لأنه لا ضرر عليه في ذلك، وإن لم يختر الشفيع أخذه.. كان للمشتري الخيار؛ لأن الصفقة تفرقت عليه.