فإن أحضر الثمن، وإلا فسخ عليه الحاكم الأخذ، ورده إلى المشتري، وإنما أجل ثلاثاً؛ لأن تحصيل الثمن في الحال يتعذر عليه في غالب العادة، وعدم اعتبار ذلك يؤدي إلى إسقاط الشفعة، والإضرار بالشفيع، فأجل الثلاث؛ لأنها مدة قريبة، ولا ضرر على المشتري بذلك.
قال الشيخ أبو حامد: وهكذا: لو هرب الشفيع بعد الأخذ.. جاز للحاكم فسخ الأخذ، ورده إلى المشتري، فإن قيل: أليس في البيع لو هرب المشتري أو أخر الدفع.. لم يفسخ الحاكم البيع؟ فهلا قلتم هاهنا مثله؟ قال: فالجواب: أن البيع حصل باختيارهما، فلذلك لم يكن للحاكم فسخه عليهما، وهاهنا أخذه الشفيع بغير اختيار المشتري لإزالة الضرر عن نفسه، فإذا كان ذلك إضراراً بالمشتري رفعه الحاكم قال: وقد قال أصحابنا: إذا أفلس الشفيع بعد أخذه الشقص.. فإن المشتري بالخيار: بين أن يضرب بالثمن مع الغرماء، وبين أن يرجع في الشقص إذا أفلس المشتري.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: (لا يأخذ الشفيع بالشفعة حتى يحضر الثمن، ولا يملكه حتى يحكم له الحاكم، ولا يحكم له الحاكم حتى يحضر الثمن) .
وقال محمد بن الحسن: يؤجله الحاكم يومين، أو ثلاثاً، ولا يأخذه إلا بحكم الحاكم، أو رضا المشتري.
ودليلنا: أن الأخذ بالشفعة يملك بالعوض، فلا يوقف على إحضار العوض، كالبيع.
ً] : وإن اشترى شقصاً فيه شفعة، وسيفاً بثمن واحد.. ثبتت الشفعة بالشقص دون السيف، وقسم الثمن بينهما على قدر قيمتيها، ولا يثبت للمشتري الخيار في البيع، لتفرق الصفقة عليه بذلك؛ لأنه رضي بذلك على نفسه. هذا هو المشهور من المذهب، وبه قال أبو حنيفة.