أحدهما: يبرأ الغاصب؛ لأن العين قد رجعت إلى يد مالكها.
والثاني: لا يبرأ؛ لأنها لم ترجع إليه على أنها ملكه.
وإن باعها الغاصب من المالك.. برئ الغاصب من ضمانها، سواء علم المالك أنها له أو لم يعلم؛ لأنه قد رضي بوجوب ضمانها عليه.
وإن وهبها الغاصب من المالك، وسلمها إليه، وأتلفها، ولم يعلم أنها له، فإن قلنا: إن الغاصب يبرأ إذا قدم إليه الطعام، فأكله، ولم يعلم أنه له.. فهاهنا أولى أن يبرأ، وإن قلنا في الطعام: لا يبرأ.. فهاهنا وجهان، حكاهما ابن الصباغ:
أحدهما: لا يبرأ الغاصب؛ لأنه لا يعلم أنها له، فهو كما لو أباحها له.
والثاني: يبرأ الغاصب؛ لأنه قد سلمها إليه تسليما تاماً، بخلاف الإباحة.
] : وإن غصب عيناً، فرهنها المالك عند الغاصب، وأذن له بقبضها، فقبضها.. صارت رهناً، ولا يبرأ الغاصب من ضمانها إلا بتسليمها إلى المالك أو وكيله، وبه قال الثوري.
وقال مالك، وأحمد، وأبو حنيفة، والمزني: (يزول عنه الغصب؛ لأنه أذن له في إمساكها، فزال عنه الضمان، كما لو أودعها إياه) .
ودليلنا: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «على اليد ما أخذت حتى ترده» . وهذا ليس بردٍّ.
ولأن الرهن لا ينافي الضمان، كما لو رهنه عينا، وتعدى بها المرتهن.
وأما الوديعة، ففيها وجهان، وإن سلمنا.. فلأنها تنافي ضمان الغصب؛ لأنه متى تعدى فيها.. خرجت عن أن تكون وديعة، بخلاف الرهن.