الغاصب ضمان ما نقص من قيمتها، وهو قول مالك، وأبي حنيفة، وكافة العلماء، إلا أبا ثور، فإنه قال: (يجب عليه ردها، ورد ما نقص من قيمتها لرخصها) .
دليلنا: أنه رد العين، ولم ينقص منها عين، ولا أثر.. فلم يجب عليه ضمان شيء من قيمتها، كما لو لم تنقص قيمتها في السوق.
وإن كانت العين تالفة.. فلا يخلو: إما أن تكون من غير ذوات الأمثال، أو من ذوات الأمثال.
فإن كانت من غير ذوات الأمثال، وهو مما لا تتساوى أجزاؤه، ولا صفاته، كالثياب، والحيوان، والأخشاب، وما أشبهها.. وجب على الغاصب قيمته، وهو قول كافة العلماء، إلا ما حكي عن عبيد الله بن الحسن العنبري: أنه قال: يجب عليه مثله من طريق الضرورة؛ لما روي «عن عائشة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -: أنها قالت: ما رأيت صانعا طعاما مثل صفية، صنعت طعاما، فبعثت به إلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فأخذني الأفكل، فكسرت الإناء، فقلت: يا رسول الله، ما كفارة ما صنعت؟ فقال: (إناء مثل الإناء، وطعام مثل الطعام» . و (الأفكل) : الرعدة من الغيرة.
دليلنا: ما روي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «من أعتق شركا له في عبد.. قوم عليه نصيب شريكه» . فأمر بتقويم نصيب الشريك، وهو متلف بالعتق، ولم يأمره بمثله من عبد.
ولأن الأشياء التي لا تتساوى أجزاؤها، لا يمكن إيجاب المثل فيها لاختلافها،