والثاني: لا يجوز، وبه قال أحمد، وهو الصحيح؛ لأن المالك أباح للمستعير الانتفاع، فلا يملك المستعير أن يبيح ذلك لغيره، كما لو أباح له طعاما.. فليس للمباح له أن يبيحه لغيره، ويخالف المستأجر، فإنه يملك المنافع، فلذلك جاز أن يملكها غيره، كمن اشترى شيئا.. فله أن يتصرف فيه بما شاء.
] : قال الصيمري: وإذا استعار حيوانا.. فإن نفقته مدة العارية على المعير؛ لأنه ملكه والنفقة تجب على مالك الرقبة دون مالك المنفعة، كما نقول في الإجارة.
فعلى هذا: إذا استعار حيوانا، فإن أذن المعير للمستعير بالإنفاق عليه، فأنفق عليه.. رجع عليه بما أنفقه؛ لأنه أخرجه بإذنه، وإن لم يأذن له في الإنفاق عليه.. فللمستعير أن يرفع ذلك إلى الحاكم، لينفق عليه من مال المعير إن كان له مال، أو يبيع جزءا من الحيوان المعار، أو يقترض عليه من غير المستعير، أو من المستعير، كما قلنا في الوديعة.
] : ويجوز إعارة الأرض للزراعة، وللبناء، وللغراس؛ لأنه يجوز أن يملك منفعة الأرض لذلك بالإجارة، فاستباحها بالإعارة، كمنفعة العبد والدار، فإن قال: أعرتك هذه الأرض لتنتفع بها.. جاز له أن يزرع فيها ويغرس ويبني؛ لأن الإذن فيها مطلق، فاستباح الجميع.
وإن أعاره الأرض ليزرع فيها، وأطلق.. كان له أن يزرع أي زرع شاء؛ لأن الإذن مطلق، وإن قال: لتزرع الحنطة.. فله أن يزرع الحنطة والشعير؛ لأن ضرر الشعير أقل من ضرر الحنطة في الأرض، وإن قال: لتزرع فيها الشعير.. قال الشيخ أبو حامد: فليس له أن يزرع الحنطة؛ لأنها أكثر ضررا في الأرض من الشعير.. ولا يجوز أن يغرس في الأرض، ولا يبني فيها؛ لأنهما أعظم ضررا في الأرض من الزراعة.