ولأنه مال لغيره أخذه لمنفعة نفسه لا على وجه الوثيقة، فضمنه، كالمغصوب.
فقولنا: (مال لغيره) احتراز ممن أخذ مال نفسه من غيره، فإنه غير مضمون عليه.
وقولنا: (لمنفعة نفسه) احتراز من الوديعة، فإن المنفعة فيها للمالك.
وقولنا: (لا على وجه الوثيقة) احتراز من المرتهن إذا قبض الرهن.
ولأنها عين مضمونة بالرد، فكانت مضمونة بالتلف، كالمغصوب.
فقولنا (مضمونة بالرد) أي: أنه يجب عليه مؤنة الرد، وفيه احتراز من الوديعة والرهن، فإنه لا يجب عليه مؤنة الرد، بل عليه أن يخلي بينه وبين العين لا غير، وكذلك العين المستأجرة في أحد الوجهين.
إذا تقرر هذا: فإن استعار عينا. فاستعملها استعمالا مأذونا فيه، فردها وقد نقص شيء من أجزائها، بأن كان ثوبا، فرده، وقد رق ونقصت قيمته بذلك.. لم يجب عليه ضمان ما نقص؛ لأن الإذن في استعماله تضمن الإذن في إتلاف ذلك منه.
وإن هلكت العين المستعارة، أو أتلفها قبل الاستعمال.. وجب عليه ضمانها، فأما إذا استعملها، فنقصت قيمتها بالاستعمال ثم تلفت، فإن كانت من غير ذوات الأمثال..وجب عليه قيمتها، ومتى تقوم عليه؟ فيه وجهان:
أحدهما: يجب عليه قيمتها أكثر ما كانت من حين القبض إلى حين التلف، كالمغصوب.
فعلى هذا: تكون الأجزاء التالفة بالاستعمال تابعة للعين، إن سقط عنه ضمان العين بردها.. سقط عنه ضمان الأجزاء، وإن وجب عليه ضمان العين بتلفها.. وجب عليه ضمان الأجزاء التالفة بالاستعمال.