والثالث: تقر العين في يد الأول؛ لأن ملكه قد استقر، ويغرم المقر للثاني القيمة؛ لأنه حال بينه وبين حقه بإقراره الأول.
وإن قال المدعى عليه: هي لكما.. قسمت بينهما نصفين، وكان الحكم في النصف الآخر حكم ما لو أقر بها لأحدهما.
وإن قال: هي لأحدكما، ولا أدري من هو منكما.. قال الشافعي: (قيل لهما: أتدعيان عينا غير هذه العين؟ فإن قالا: لا.. قيل لهما: أتدعيان علمه من المالك منكما؟ فإن قالا: لا.. فلا يمين على المودع؛ لأنهما اعترفا بجهله للمالك) . وماذا يصنع بالعين؟ فيه قولان:
أحدهما: تنقل من المقر إلى عدل ينصبه الحاكم؛ لأنه قد أقر: أنه ليس بمالك لها، وأنها لأحدهما، ولا يمكن دفعها إليهما، ولا إلى أحدهما، ولا تقر في يده؛ لأن مالكها لم يرض بأن تبقى عنده.
والثاني: تبقى في يده أمانة؛ لأنه لا معنى لانتزاعها من هذا العدل، ووضعها عند عدل آخر.
قال الشيخ أبو حامد: قول الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ -: (قيل لهما: أتدعيان غير هذه العين) لا معنى له؛ لأنه قد عرف ذلك بأصل الدعوى، فإن ادعيا أنه يعلم المالك منهما.. فالقول قوله مع يمينه؛ لأنه أعلم بنفسه. فإن عرضت عليه اليمين، واختار أن يحلف.. حلف لهما يمينا واحدة.
وقال أبو حنيفة: (يحلف لهما يمينين) .
دليلنا: أنه يحلف على جهالته للمالك، فإذا ثبت جهله في أحدهما.. ثبت في حق الآخر، إذ ليس يحلف على نفي ملك بعينه، فإذا حلف لهما.. كان الحكم في العين على قولين، كما لو اعترفا بجهله للمالك، وإن نكل عن اليمين.. ردت اليمين عليهما، فإن حلفا.. ففيه قولان: