قال الشيخ أبو حامد: والمذهب الأول؛ لأن خارج المنزل حرز، كالمنزل، فهو كما لو نقل الوديعة من بيت إلى بيت.
] : إذا أخرج المودع الوديعة من حرزها بغير إذن مالكها.. نظرت:
فإن أخرجها لمصلحتها، بأن دعت الحاجة إلى تجفيف الثياب في الشمس أو الرياح، أو تقليب الكتب.. لم يضمنها بذلك؛ لأن ذلك واجب عليه.
وإن أخرج الوديعة لينتفع بها.. ضمنها بنفس الإخراج وإن لم ينتفع بها.
وقال أبو حنيفة: (لا يضمنها ما لم ينتفع بها) .
دليلنا: أنه تناول الوديعة لمنفعة نفسه بغير إذن مالكها، فضمنها، كما لو انتفع بها.
وإن نوى أن يخرج الوديعة لينتفع بها، أو نوى أن لا يردها على مالكها.. ففيه ثلاثة أوجه:
أحدها ـ هو المذهب ـ: أنه لا يضمنها بذلك؛ لأنه لم يوجد منه فعل فيها على وجه التعدي، فلم يضمنها، كما لو نوى أن يغصب مال غيره.
والثاني ـ ويحكى عن أبي العباس ـ: أنه يضمنها بمجرد النية، كما يضمن اللقطة إذا نوى تملكها.
والثالث ـ حكاه في " المهذب " عن القاضي أبي حامد ـ: إن نوى أن لا يردها.. ضمنها بمجرد النية؛ لأنه صار ممسكا لها على نفسه، وإن نوى أن ينتفع بها.. لم يضمنها بمجرد النية؛ لأنه لا يصير ممسكا لها بذلك على نفسه.
ولا يجوز للمودع أن يقترض الوديعة.
وقال مالك: (يجوز له أن يقترضها؛ لأن كونها في ذمته أحفظ للمالك) .
دليلنا: قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه» .