فقال أبو إسحاق: لا يضمن؛ لأن الشافعي لم يفرق. وبه قال مالك؛ وأبو حنيفة، واختاره الشيخ أبو حامد؛ لأنه أودعها أمينا لعذر السفر، فهو كما لو كان الحاكم معدوما في البلد.
وقال أبو سعيد الإصطخري، وأبو علي بن خيران: يجب عليه الضمان؛ لأن الشافعي قال في (الرهن) : (وإذا وضع الرهن على يدي عدل، ثم غاب المتراهنان، أو أحدهما، وأراد العدل السفر.. دفعه إلى الحاكم) . فدل على: أن الدفع إلى غيره لا يجوز، ولأن أمانة الحاكم مقطوع بها، وأمانة الأمين مجتهد فيها، فلم يجز ترك المقطوع به إلى المجتهد فيه، كما لا يجوز ترك النص إلى القياس.
ومن قال بالأول.. حمل نص الشافعي في (الرهن) إذا تشاح المتراهنان في العدل.. فإنهما يرفعانه إلى الحاكم ليضعه عند عدل.
وإن خالف، وسافر بها، فإن لم يكن به ضرورة إلى السفر.. ضمنها، سواء كان السفر طويلا أو قصيرا، وسواء كان الطريق آمنا أو مخوفا.
وقال أبو حنيفة: (إذا كان الطريق آمنا: لم يضمن، إلا أن يكون قد نهاه عن السفر) . وبه قال بعض أصحابنا؛ لأنه يكون كنقل الوديعة من محلة في البلد إلى محلة فيها. وهذا غلط؛ لأن أمن السفر غير موثوق به، فقد يحدث الخوف في الطريق، بخلاف محال البلد.
وإن دعته إلى السفر ضرورة بأن هجم على البلد فتنة، أو حريق، أو غرق، ولم يجد من يأمن عليها من ذلك عنده.. قال الشيخ أبو حامد: فله أن يسافر بها، ولا يضمن وإن كان الطريق مخوفا؛ لأن هذا موضع ضرورة؛ لأنه لا يتمكن من شيء غير ذلك.
وذكر الشيخ أبو إسحاق في " المهذب " [1/363] : إذا أراد السفر ولم يجد