وإن صدقه أحدهما، وكذبه الآخر، فإن أراد الرجوع على المصدق.. رجع عليه بغير يمين، وإن أراد أن يرجع على المكذب.. لم يرجع عليه حتى يحلف، فيرجع عليه، كما هو الحال في تكذيبهما.
] : وإن اتفقا على الوكالة، واختلفا في التصرف، فادعى الوكيل أنه قد باع العين التي وكل في بيعها، وادعاه المشتري، وقال الموكل: لم تبعها. أو قال الوكيل: قد بعت، وقبضت الثمن، وتلف الثمن في يدي، وادعاه المشتري، وقال الموكل: لم يقبضه.. ففيه قولان:
أحدهما: لا يقبل قول الوكيل على موكله، بل القول قول الموكل؛ لأن الوكيل يقر بحق موكله، فلم يقبل، كما لو أقر بدين عليه، أو أبرأه من حق.
والثاني: يقبل إقرار الوكيل، وبه قال أبو حنيفة، واختاره القاضي أبو الطيب؛ لأنه يملك البيع والقبض، فقبل إقراره فيه، كما يقبل إقرار أبي البكر بنكاحها، إلا أن أبا حنيفة ناقض في مسألة، وقال: (إذا وكله أن يتزوج له امرأة، فأقر الوكيل: أنه تزوجها له، وادعت المرأة ذلك، وأنكر الموكل. لم يقبل قول الوكيل؛ لأنه يمكنه إقامة البينة على النكاح؛ لأنه لا يعقد حتى يحضر شاهدين) .
فإذا قلنا: يقبل قول الوكيل، فأقر بقبض الثمن من المشتري، وأنه تلف في يده، وحلف الوكيل، ثم خرج المبيع مستحقا، فرجع المشتري على الوكيل بالثمن.. قال أبو العباس: لم يكن للوكيل أن يرجع على موكله؛ لأن ذلك يؤدي إلى أن يستحق الرجوع عليه بقوله ويمينه، فهو كما لو باع شيئا، ثم اختلفا في عيبه، فحلف البائع، فلو وجد به عيبا قديما، فرده به.. فليس للبائع أن يطالبه بأرش العيب الذي حلف على حدوثه في يد المشتري، بل يكون القول قول المشتري.