فالقول قول الذي لم يبع مع يمينه: أنه لم يقبض الألف ولا شيئا منه، فإن حلف.. أخذ حقه من الثمن، وإن نكل.. حلف المشتري، وبرئ من حق الذي لم يبع.
وأما إذا كان البائع قد أذن له الذي لم يبع بقبض حقه، أو قلنا: إن الإذن في البيع يقتضي قبض الثمن، ولم يأذن البائع للذي لم يقبض حقه من الثمن.. فإن بإقرار البائع لا تبرأ ذمة المشتري من نصيب البائع من الثمن؛ لأنه يقر: أنه دفع ذلك إلى غير وكيله، وأما نصيب الذي لم يبع.. فإن المزني نقل: (أن المشتري يبرأ من نصف الثمن بإقرار البائع: أن شريكه قد قبض؛ لأنه في ذلك أمين) .
فمن أصحابنا من خطأه في النقل، وقالوا: هذا مذهب أهل العراق، وإن إقرار الوكيل يقبل على الموكل، فيحتمل أن يكون الشافعي - رَحِمَهُ اللَّهُ - ذكر ذلك. قال: (وبه قال محمد) . فظن المزني أنه أراد بذلك نفسه، ولم يرد الشافعي به إلا محمد بن الحسن.
ومن أصحابنا من اعتذر للمزني، وقال: معنى قوله: (يبرأ المشتري من نصف الثمن) يريد به في حق البائع، فإن البائع كان له المطالبة بجميع الألف، فلما أقر أن شريكه قبض الألف.. سقطت مطالبته بالنصف.
إذا ثبت هذا: وأن المشتري لا يبرأ من شيء من الثمن..فإن البائع يأخذ منه خمسمائة من غير يمين، فإذا قبض ذلك.. فهل للذي لم يبع أن يشارك البائع بما قبضه؟ نقل المزني: (أن له أن يشاركه فيما قبضه) . وبه قال بعض أصحابنا؛ لأن الذي لم يبع يقول: قد أخذ البائع خمسمائة من المشتري بحق مشاع بيني وبينه. وقول البائع: إنه أخذه لنفسه، لا يقبل على الذي لم يبع؛ لأن المال إذا كان مشاعا بين اثنين، فقبض أحدهما منه شيئا، ثم قال: قبضته لنفسي.. لم يقبل.
وقال أبو العباس، وأبو إسحاق، وعامة أصحابنا: لا يشاركه فيما قبض؛ لأن البائع لما أقر: أن الذي لم يبع قد قبض الثمن.. تضمن ذلك عزل نفسه من الوكالة؛ لأنه لم يبق ما يتوكل فيه.
فإن قلنا يقول المزني.. كان الذي لم يبع بالخيار: بين أن يطالب المشتري بخمس