فقال أبو العباس: في هذا مسألتان:

إحداهما: إذا جاء رجل، فاستأجر من كل واحد منهم ما له ليطحنوا له؛ طعاما معلوما، بأجرة معلومة بينهم، بأن يقول لصاحب البيت: استأجرت منك هذا البيت، ومن هذا الحجر، ومن هذا البغل، ومن هذا نفسه؛ لتطحنوا لي كذا وكذا من الحنطة، بكذا وكذا درهما، فقالوا: قبلنا الإجارة.. فهل يصح هذا العقد؟ فيه قولان، كالقولين في أربعة أنفس لهم أربعة أعبد باعوهم بثمن واحد، وكالقولين فيمن تزوج أربعة نسوة بمهر واحد، أو خالعته بعوض واحد.

فإذا قلنا: لا يصح.. استحق كل واحد منهم إذا طحنوا أجرة مثل ما له على صاحب الطعام.

وإن قلنا: يصح.. نظر كم أجرة مثل كل واحد منهم، وقسم المسمى بينهم على قدر أجور مثلهم.

ولو استأجر من كل واحد ملكه بأجرة معلومة على عمل معلوم، أو مدة معلومة بعقد منفرد.. صح ذلك، قولا واحدا، واستحق كل واحد منهم ما يسمى له.

المسألة الثانية: إذا استأجرهم في الذمة، مثل أن يقول: أستأجركم لتحصلوا لي طحن هذا الطعام بمائة.. صحت الإجارة، قولا واحدا، ووجب على كل واحد منهم ربع العمل، واستحق ربع المسمى من غير تقسيط، فإذا طحنوا.. استحقوا المسمى أرباعا، وكان لكل واحد منهم أن يرجع على شركائه بثلاثة أرباع عمله، فيرجع صاحب البغل على شركائه بثلاثة أرباع أجرة بغله، وكذلك صاحب البيت، والرحى، والعامل؛ لأن كل واحد منهم يستحق عليه ربع العمل، وقد عمل الجميع، فسقط الربع لأجل ما استحق عليه، ويرجع على شركائه بما لم يستحق عليه.

فإن قال: استأجرتكم لتطحنوا لي هذا الطعام بمائة، فقالوا: قبلنا.. فذكر الشيخ أبو حامد في " التعليق ": أنها على قولين، كالمسألة الأولى. وذكر المحاملي،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015