أحدهما: لا تصح، وهو قول أكثر أصحابنا، وهو ظاهر كلام المزني: لأن الحوالة معاوضة، فإذا كان لا يملك شيئا في ذمة المحال عليه.. لم تصح، كما لو اشترى شاة حية بشاة ميتة، ولأنه لو أحاله على من له عليه دين غير لازم، أو غير مستقر، أو مخالف لصفة دينه.. لم تصح الحوالة، فلأن لا تصح الحوالة على من لا دين له عليه أولى.

والثاني: تصح الحوالة، وهو قول أبي حنيفة وأصحابه - رَحِمَهُمُ اللَّهُ -؛ لأن المحال عليه إذا قبل الحوالة.. صار كأنه قال لصاحب الحق: أسقط عنه حقك، أو أبرئه، وعلي عوضه، ولو قال ذلك.. للزمه؛ لأنه استدعاء إتلاف ملك بعوض، فكذلك هذا مثله.

فإذا قلنا بهذا: فللمحال عليه أن يطالب المحيل بتخليصه. كما يطالب الضامن المضمون عنه بتخليصه، فإن وزن المحال عليه الحق، فإن كان يغير إذن المحيل.. لم يرجع على المحيل بشيء؛ لأنه متطوع، وإن وزن بإذنه.. رجع عليه، وإن أبرأ المحتال المحال عليه.. برئ، ولا يرجع المحال عليه على المحيل بشيء؛ لأنه لم يغرم شيئا، والذي يقتضي المذهب: أن المحتال لا يرجع على المحيل بشيء؛ لأن ذمته قد برئت بالحوالة على هذا، وإن قبض المحتال الحق من المحال عليه بإذن المحيل، ثم وهبه المحتال للمحال عليه.. فهل يرجع المحال عليه على المحيل بشيء؟ فيه وجهان:

أحدهما: لا يرجع عليه بشيء؛ لأنه لم يغرم شيئا؛ لأن ما دفع.. رجع إليه.

والثاني: يرجع عليه، وهو المذهب؛ لأنه قد غرم، وإنما عاد إليه بسبب آخر.

وإن كان عليه دين مؤجل، فأحاله على رجل لا شيء له عليه، وقبل المحال عليه الحوالة، وقلنا: تصح، فإن قضاه المحال عليه الحق في محله بإذن المحيل..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015