ما في ذمته بما له في ذمة المحال عليه، ثم المقاصة لا تصح في جنس بجنس آخر، فكذلك الحوالة.
ولا تصح الحوالة إلا إن كان الحقان من نوع لجنس واحد؛ لما ذكرناه في الجنس، فإن كان له على رجل ألف درهم صحاح، فأحاله بها على من له عليه ألف درهم مكسرة، أو كان بالعكس من ذلك.. لم تصح الحوالة؛ لأن الحوالة في الحقيقة بيع دين بدين، وبيع الدراهم بالدراهم صرف من شرطه القبض في المجلس، إلا أنه جوز تأخير القبض في الحوالة؛ لأنه عقد إرفاق ومعروف، فإذا دخل فيه الفضل.. صار بيعا وتجارة، وبيع الدين بالدين لا يجوز، ألا ترى أن القرض في الحقيقة صرف؛ لأنه يعطي درهما بدرهم، ولكن جوزنا تأخير القبض فيه؛ لأنه إرفاق؟
ولو قال: أقرضتك هذه الدراهم المكسرة لترد علي صحاحا.. لم يصح. فكذلك هذا مثله.
] : وإن أحاله بدين حال على رجل له عليه دين حال، أو بدين مؤجل على دين مؤجل، وهما متساويان في الأجل.. صح، وإن أحاله بدين حال عليه على دين مؤجل له.. لم يصح؛ لأن الحال لا يتأجل عندنا، ولأن المحتال قد نقص من حقه، وهو أن دينه كان معجلا، فجعله مؤجلا، لينقل حقه من ذمة إلى ذمة، فلم يصح، كما لو كان له دين مؤجل، فقال: من عليه الدين لمن له الدين: انقص من دينك، لأقدم لك دينك قبل حلوله.. فإن هذا لا يصح.
وإن كان عليه لرجل دين مؤجل، فأحاله به على دين له حال.. فهل تصح الحوالة؟ فيه وجهان، حكاهما المسعودي [في " الإبانة " ق \ 282] :
أحدهما: تصح؛ لأنه يمكنه تعجيل المؤجل.
والثاني: لا تصح، وهو قول البغداديين من أصحابنا؛ لأن المحيل قد زاد المحتال في حقه، لينقل حقه من ذمته إلى ذمة غيره، فلم يصح، كما لو كان له عليه ألف حال، فزاده فيه ليجعله مؤجلا.