أخذ العوض عنه، وإن افترقا عن المجلس قبل قبض العين.. فهل يصح؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يصح؛ لأنهما افترقا، والعوض والمعوض في ضمان واحد، فلم يصح، كما لو صالحه من دين على دين، وتفرقا قبل القبض.
والثاني: يصح، كما يصح في بيع العين بالدين.
القسم الثاني: صلح هو فرع على الإجارة، وهو: أن يدعي عليه عينا في يده، أو دينا في ذمته، فيقر له به، ثم يصالحه من ذلك على سكنى داره شهرا، أو خدمة عبده مدة معلومة، فيصح ذلك، ويملك المقر ما ادعى عليه به، ويملك المقر له منفعة الدار أو العبد، كما لو استأجر منه ذلك، ويشترط فيه ما يشترط في الإجارة على ما يأتي بيانها في موضعها إن شاء الله تعالى.
القسم الثالث: صلح هو فرع على الإبراء والحطيطة، وهو: أن يدعي عليه ألفا في ذمته، فيقر له بها، فيصالحه على بعضها.
قال الشيخ أبو حامد: فهذا ينقسم قسمين:
أحدهما: أن يقول الذي عليه الحق لمن له الحق: أدفع إليك خمسمائة، بشرط أن تسقط عني الخمسمائة الأخرى. أو يقول صاحب الحق: ادفع إلي خمسمائة، على أن أسقط عنك الخمسمائة الأخرى.. فهذا لا يجوز، فإذا فعلا ذلك.. كان باطلا، وكان لصاحب الألف المقر له أن يطالب بالخمسمائة الأخرى، لأنه دفع إليه بعض حقه، وشرط شرطا لا يلزمه، فسقط الشرط، ووجب الألف بالإقرار.
القسم الثاني: أن يقول: أدفع إليك خمسمائة، وتبرئني من خمسمائة. أو يقول الذي له الحق: ادفع إلي خمسمائة، وقد أبرأتك من الخمسمائة الأخرى.. فإن