والثاني: لا يجب عليه ضمانه؛ لأن الله تعالى أباح له الأكل، ولم يوجب الضمان، ولأن ذلك استحقه بعمله في ماله، فلم يلزمه رد بدله، كالمستأجر.
ولا يفك الحجر عن الصبي حتى يبلغ، ويؤنس منه الرشد؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا} [النساء: 6] [النساء: 6] . فأمر بدفع أموالهم إليهم بشرطين:
أحدهما: البلوغ، وعبر عنه ببلوغهم النكاح؛ لأنه يشتهي بالبلوغ.
والثاني: إيناس الرشد، والمراد بالإيناس: العلم بالرشد، كما قال تعالى: {آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَارًا} [القصص: 29] [القصص: 29] وأراد به: الرؤية
إذا ثبت هذا: فإن البلوغ يحصل بأحد خمسة أشياء، ثلاثة يشترك فيها الرجال والنساء، وهي الإنزال، والسن، والإنبات، واثنتان تختص بهما النساء دون الرجال، وهما: الحيض والحمل.
فأما الإنزال: فمتى خرج منه المني، وهو الماء الأبيض الدافق الذي يخلق منه الولد في الجماع، أو في النوم، أو اليقظة.. فهو بلوغ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَإِذَا بَلَغَ الأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا} [النور: 59] [النور: 59] . فلما أمر الأطفال بالاستئذان إذا احتلموا.. دل على أنهم قد بلغوا؛ لأن قبل ذلك لم يكونوا يستأذنون.
وروي: أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «رفع القلم عن ثلاثة: عن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم» .
وروي «عن عطية القرظي: أنه قال: عرضنا على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فمن كان محتلما، أو نبتت عانته.. قتل» فلو لم يكن بالغا.. لما قتل.