وإن رهنه عينا، وأذن له بقبضها، فقبل أن يقبضها المرتهن رجع الراهن عن الإذن.. لم يكن للمرتهن قبضها؛ لأنه إنما يقبضها بإذن الراهن، وقد بطل إذنه برجوعه. وإن رهنه شيئا، ثم جن الراهن، أو أغمي عليه، أو أفلس، أو حجر عليه.. لم يصح إقباض الراهن، ولا يكون للمرتهن قبضه؛ لأنه لا يصح قبضه إلا بإذن الراهن، وقد خرج عن أن يكون من أهل الإذن.
وكذلك: إذا أذن له في القبض، فقبل أن يقبض طرأ على الراهن الجنون، أو الإغماء، أو الحجر.. بطل إذنه لذلك، ولا يبطل الرهن بذلك.
وقال أبو إسحاق: يبطل الرهن بذلك؛ لأن الرهن قبل القبض من العقود الجائزة، فيبطل بهذه الأشياء، كالوكالة والشركة. والمذهب الأول؛ لأن الرهن يؤول إلى اللزوم، فهو كالبيع بشرط الخيار. وقيل: إن أبا إسحاق رجع عن هذا.
إذا ثبت ما ذكرناه: فإن الولي عن المجنون والمغمى عليه ينظر:
فإن كان الحظ بإقباض الرهن، مثل: أن يكون شرطاه في بيع يستضر بفسخه أو ما أشبه ذلك.. أقبضه عنهما.
وإن كان الحظ في تركه.. لم يقبضه.
وإن كان للمحجور عليه غرماء غير المرتهن.. قال ابن الصباغ: لم يجز للحاكم تسليم الرهن إلى من رهنه عنده قبل الحجر؛ لأنه ليس له أن يبتدئ عقد الرهن في هذه الحالة، فكذلك تسليم الرهن.