فوصف الرهن بالقبض، فدل على أنه لا يكون رهنا إلا بالقبض، كما أنه وصف الرقبة المعتقة بالإيمان. ثم لا يصح عن الكفارة إلا عتق رقبة مؤمنة، ولأنه عقد إرفاق من شرطه القبول، فكان من شرطه القبض، كالقرض.
فقولنا: (عقد إرفاق) احتراز من البيع، فإنه عقد معاوضة.
وقولنا: (من شرطه القبول) احتراز من الوقف.
إذا ثبت هذا: فالعقود على ثلاثة أضرب:
ضرب لازم من الطرفين، كالبيع، والحوالة، والإجارة، والنكاح، والخلع.
وضرب جائز من الطرفين، كالوكالة، والشركة، والمضاربة، والرهن قبل القبض.
وضرب لازم من أحد الطرفين جائز من الآخر، كالرهن بعد القبض، والضمان، والكتابة.
وإن عقد الرهن على عين في يد الراهن.. لم يجز للمرتهن قبضها إلى بإذن الراهن؛ لأن للراهن أن يفسخ الرهن قبل القبض، فلم يجز للمرتهن إسقاط حقه من ذلك بغير إذنه. فإن كانت العين المرهونة في يد المرتهن وديعة أو عارية.. فإن الرهن يصح؛ لأنه إذا صح عقد الرهن على ما في يد الراهن.. فلأن يصح على ما في يد المرتهن للراهن أولى.
أما القبض فيها: فنص الشافعي هاهنا: (أنها تصير مقبوضة عن الرهن إذا أذن الراهن في قبضها، ومضت مدة يمكنه فيها أن يقبض) . وقال في كتاب (الإقرار والمواهب) : (إذا وهب له عينا في يد الموهوب له، فقبلها تمت الهبة، ولم يعتبر الإذن في القبض) .
واختلف أصحابنا فيها على ثلاث طرق:
[أحدها] : من قال: لا يلزم واحد منهما إلا بالقبض، ولا يصح قبضهما إلا