وقد يكون الدين في الذمة ثمنا، وقد يكون فيها مثمنا، ولأنه حق ثابت في الذمة، فجاز أخذ الرهن به، كالسلم، ويجوز أخذ الرهن بالدين الحال؛ لأن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رهن درعه في بدل القرض، وهو حال.
ولا يصح الرهن بدين الكتابة.
وقال أبو حنيفة: (يصح)
دليلنا: أنه وثيقة يستوفى منها الحق، فلم يصح في دين الكتابة، كالضمان، ولأن الرهن إنما جعل لكي يستوفي منه من له الحق إذا امتنع من عليه الحق، وهذا لا يمكن في الكتابة؛ لأن للمكاتب أن يعجز نفسه أي وقت شاء، ويسقط ما عليه، فلا معنى للرهن به.
وأما الرهن بمال الجعالة، بأن يقول رجل: من رد عبدي الآبق.. فله الدينار: فإن رده رجل.. استحق الدينار، وصح أخذ الرهن به، وهل يصح أخذ الرهن به قبل الرد؟ فيه وجهان:
أحدهما: لا يصح، وهو اختيار أبي علي الطبري، والقاضي أبي الطيب؛ لأنه حق غير لازم، فهو كـ: مال الكتابة.
والثاني: يصح؛ لأنه يؤول إلى اللزوم، فهو كالثمن في البيع مدة الخيار.
وأما مال السبق والرمي: فإن كان بعد العمل.. صح أخذ الرهن به، وإن كان قبل العمل، فإن قلنا: إنه كالإجارة.. صح أخذ الرهن به. وإن قلنا: إنه كالجعالة.. فعلى الوجهين في مال الجعالة.
وأما العمل في الإجارة: فهل يصح أخذ الرهن به؟ ينظر فيه:
فإن كانت الإجارة على عمل الأجير بنفسه.. لم يصح أخذ الرهن به؛ لأنه لا يمكن استيفاء عمله من الرهن.
وإن كانت الإجارة على تحصيل عمل في ذمته.. صح أخذ الرهن به؛ لأنه يمكن استيفاء العمل من الرهن، بأن يباع الرهن، ويستأجر بثمنه منه من يعمل.