كل واحدة منها قطعة، ثم أمر به فطبخ في قدر، فأكل من لحمها، وتحسى من مرقها» ، ولا يجب عليه الأكل منها.
وحكي عن بعض الناس: أنه قال: يجب عليه الأكل منها لظاهر الأمر.
دليلنا: قَوْله تَعَالَى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} [الحج: 36] [الحج: 36] فجعلها لنا وما هو للإنسان هو مخير: بين أكله، وبين تركه. ولأنه إراقة دم على وجه القربة، فلم يجب الأكل منها كالعقيقة، والآية نحملها على الاستحباب، وفي القدر الذي يستحب له أكله منها قولان:
[الأول] : قال في القديم: (يأكل النصف، ويتصدق بالنصف) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ} [الحج: 28] [الحج: 28] . فجعلها بين اثنين.
و [الثاني] : قال في الجديد: يأكل الثلث، ويهدي الثلث، ويتصدق بالثلث) ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ} [الحج: 36] [الحج: 36] فجعلها بين ثلاثة.
فقال مجاهد: (القانع) : هو الجالس في بيته الذي يرضى ويقنع بالقليل، و (المعتر) : هو الذي يسأل.
وقال الحسن: (القانع) : هو الذي يسأل، و (المعتر) : هو الذي يعرض بالسؤال، يقال: قنع - بكسر النون - يقنع - بفتحها - قناعة، فهو قنع إذا رضي بقسمه، وقنع - بفتح النون - يقنع - بكسرها - قنوعا، فهو قانع: إذا سأل.
قال الشماخ:
لمال المرء يصلحه فيغني ... مفاقره أعف من القنوع