أحدهما: يصح، وهو قول أبي إسحاق؛ لأنه عبادة، فصح إحرامه فيها بغير إذن الولي، كالصلاة والصوم.
والثاني لا يصح، وهو الصحيح؛ لأن الحج يتعلق أداؤه بإنفاق المال، والصبي لا يملك إنفاق المال بغير إذن الولي، كالبيع والشراء، بخلاف الصلاة والصوم.
وإن كان الصبي غير مميز.. أحرم عنه الولي.
قال الشيخ أبو حامد: فينوي الولي أنه جعله محرما، فيصير الصبي محرما بذلك، سواء كان الولي محلا أو محرما، وسواء كان الولي قد حج عن نفسه أو لم يحج، فإنه يصح؛ لأنه لا يحرم هو، وإنما يعقد الإحرام له.
وأما الولي الذي يحرم عنه: فذكر الشيخ أبو حامد، وعامة أصحابنا: إن كان الولي أبا أو جدا.. جاز أن يحرم عنه إن كان غير مميز، ويأذن له في الإحرام إن كان مميزا؛ لأنهما يليان على ماله بغير تولية.
فأما غيرهما من العصبات: كالأخ، وابن الأخ، والعم، وابن العم.. فإن لهم حقا في الحضانة، وتعليم الصبي وتأديبه، ولا يملكون التصرف في ماله بأنفسهم إلا بوصية من الأب أو الجد، أو تولية من الحاكم، فإن جعل لهم التصرف بماله.. كان لهم أن يحرموا عنه، أو يأذنوا له في الإحرام، وإن لم يجعل إليهم التصرف بماله..فلهم أن يحرموا عنه بالحج، أو يأذنوا له في الإحرام؟ فيه وجهان:
أحدهما: لهم ذلك؛ لأنه لما كان لهم تعليمه وتأديبه والإنفاق على تلك الأشياء من ماله، فكذلك الإحرام بالحج.
والثاني: ليس لهم الإحرام عنه، ولا الإذن له بالإحرام، وهو الصحيح؛ لأنهم لا يملكون التصرف في ماله، فلم يكن لهم الإحرام عنه، ولا الإذن بالإحرام كالأجانب، ويخالف النفقة على التأديب والتعليم؛ لأنه نفل، فسومح به.
وأما الأم: فإن قلنا بقول أبي سعيد الإصطخري، وأنها تلي على ماله بنفسها.. فلها أن تحرم عنه، وقد احتج الإصطخري بهذا الخبر، حيث قال لها النبي ـ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ـ: «نعم، ولك أجر»