خرج، فإذا بني المسجد.. عاد، ويتمم اعتكافه) .
وجملة ذلك: أنه إذا بقي موضع يمكنه أن يقيم فيه.. أقام فيه، وإن لم يتبق منه موضع يقيم فيه.. خرج منه، وتمم ما بقي من اعتكافه في غيره من المساجد، ولا يبطل بالخروج؛ لأنه لحاجة.
وأما قول الشافعي: (فإذا بني المسجد.. عاد، ويتمم) : فتأوله أصحابنا تأويلين:
أحدهما: أنه أراد: إذا عين أحد المساجد الثلاثة، وقلنا بتعين مسجد المدينة، والمسجد الأقصى.
والتأويل الثاني: إذا نذر اعتكافا غير متتابع، ولا متعلق بزمان بعينه: فإذا انهدم المسجد.. كان بالخيار: إن شاء.. اعتكف في غيره، وإن شاء.. انتظر عمارة المسجد المنهدم.
قال الشيخ أبو حامد: ويحتمل تأويلا ثالثاً: وهو أن يكون في موضع ليس فيه إلا مسجد واحد وانهدم.
وإن خرج المعتكف من المسجد ناسيا أو مكرها.. لم يبطل اعتكافه؛ لقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رفع عن أمتي الخطأ، والنسيان، وما استكرهوا عليه» .
وإن أكره حتى خرج بنفسه.. فهل يبطل اعتكافه. فيه قولان، كما لو أكره الصائم حتى أكل بنفسه.
وإن أخرجه السلطان، فإن أخرجه بغير حق، مثل: أن يطالبه بما ليس عليه، أو يطالبه بما عليه إلا أنه مفلس، أو طلبه ليصادره بغير حق، فهرب منه.. لم يبطل اعتكافه، وإذا عاد.. بنى؛ لأنه خروج بغير اختياره، وإن أخرجه بحق، مثل: أن يكون عليه دين وهو قادر على قضائه، فأخرجه السلطان ليقضيه.. بطل اعتكافه؛ لأنه خرج باختياره؛ لأنه كان يمكنه أن يقضيه في المسجد.