وإن كان له منزلان، أحدهما أقرب إلى المسجد من الآخر.. فهل له أن يمضي إلى الأبعد لقضاء الحاجة.. فيه وجهان:
أحدهما -وهو الأظهر -: أنه لا يجوز؛ لأنه لا حاجة به إليه، فهو كما لو خرج إلى غير الغائط والبول.
والثاني: يجوز؛ لأنه خروج لحاجته إلى بيته، فهو كما لو لم يكن له بيت سواه. وهل له أن يخرج إلى البيت للأكل؟ فيه وجهان:
أحدهما - وهو قول أبي العباس بن سريج، ومالك، وأبي حنيفة -: (ليس له ذلك) ؛ لأنه يمكنه الأكل في المسجد.
والثاني: -وهو المنصوص -: (أن له أن يأكل في البيت) ؛ لأن عليه مشقة في الأكل بالمسجد؛ لأن الأكل في المسجد ترك مروءة، وقد يحتاج أن يخفي جنس قوته، وقد يكون في المسجد غيره، فيشق عليه الأكل دونه، وقد لا يكفي الطعام لأكل الجميع، فكان ذلك كله عذرا في جواز الأكل في البيت.
] : وإن كان المعتكف مؤذنا، فصعد المنارة للأذان، فإن كانت المنارة في المسجد أو في رحبة المسجد- و (رحبته) : ما كان مضافا إليه محجرا عليه - جاز، لأن الرحبة من المسجد، وقد نص الشافعي على: (أنه إذا اعتكف في رحبة المسجد.. صح اعتكافه) .
قال الشيخ أبو حامد: وهكذا لو لم تكن المنارة في الرحبة، إلا أنها ملصقة بالمسجد، وبابها إلى المسجد.. جاز أن يصعد إليها؛ لأنها من جملة المسجد، وإن كانت المنارة منفصلة عن المسجد ورحبته.. فهل يبطل اعتكافه بالخروج إليها للأذان؟
فيه ثلاثة أقوال: