ولو نذر أن يصوم في يوم معين.. لم يجز له أن يصوم في غيره من الأيام، والفرق بينهما: أن النذر مردود إلى أصل الشرع، وقد وجب الصوم بالشرع في زمان بعينه، لا يجوز له في غيره، فكذلك إذا نذره، وليس كذلك الاعتكاف، فإنه لم يجب بأصل الشرع في موضع بعينه. هذه طريقة أصحابنا البغداديين.
وحكى الخراسانيون من أصحابنا في المسجد المعين وجهين:
أحدهما: لا يتعين عليه، كما لو نذر الصلاة فيه.
والثاني: يتعين عليه الاعتكاف بذلك المسجد؛ لأن للمسجد تأثيراً في الاعتكاف، هو: أنه لا يصح إلا في مسجد، فتعين بالنذر، كالصوم بخلاف الصلاة، فإنها تصح في غير مسجد، قال أصحابنا البغداديون: قال ابن القاص: ولا يتعين الاعتكاف في مسجد غير المساجد الثلاثة إلا في موضعين:
أحدهما: أن ينذر اعتكافاً متتابعاً، ثم يشرع فيه في مسجد، فلا يجوز له الانتقال إلى غيره؛ لأن خروجه للانتقال يقطعه، وذلك لا يجوز.
والثاني: أن ينذر اعتكاف سبعة أيام، وما زاد متتابعاً، فلا يجوز، إلا في المسجد الذي تقام فيه الجمعة.
وإن نذر أن يعتكف في المسجد الحرام.. تعين عليه الاعتكاف فيه، ولا يسقط هذا النذر بالاعتكاف بغيره من المساجد؛ لما روي: «أن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: يا رسول الله، إني نذرت أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام في الجاهلية، فقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: "أوف بنذرك» ، ولأنه يختص بوقوع النسك فيه، وهو الطواف، فتعين الاعتكاف فيه بالنذر.