من الظلمات إلى النور بشيراً ونذيراً فأول ما أنزل عليه {يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنْذِرْ} [المدثر:2] أراد الإنذار عن الشرك هذا قبل الإنذار عن الزنا والسرقة وعن نكاح الأمهات، فمن أقرّ بهذا وعرف ما عليه أكثر الناس من المشرق إلى المغرب رأى العجب وفهم المسألة غير فهمه الأول.

الثانية: أنه لما هدم هذا وأنذرهم عنه أخرج الناس من الظلمات إلى النور وهو التوحيد الذي قال الله فيه {وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ} [المدثر:3] أي عظّم بالإخلاص، وليس المراد بتكبير الأذان والصلوات فإنه لم يشرع عند نزول الآية، فمن عرف هذه وبشر نفسه بها وعرف ما عليه غالب أهل الأرض عرف قدر المسألة.

الثالثة: المعرفة بالضرورة أنه الله بعثه ليصدق ويتبع لا ليكذب ويعصى، وأما من أقرّ بالمسألتين ثم صرّح أن من اتبعه في التوحيد وصدقه في النذارة وأطاعه وانتذر خرج من دينه وحل دمه وماله فهذا مع كونه أبلغ من الجنون فهو من أعظم آيات الله وعجائب قدرته على تقليبه للقلوب كيف يجتمع في قلب رجل يشهد أن التوحيد هو دين الله ويعاديه ويشهد أن الشرك هو الكفر ويواليه ويذب عن أهله باللسان و

طور بواسطة نورين ميديا © 2015