نشرت سنة 1930 (?)
في زقاق القباقبية، في الجهة الجنوبية من «الأموي»، باب من أبوابه قديم ومصبغة من مصابغ الشام صغيرة، نعرفها كلنا ونمرّ بها كثيراً دون أن نلقي لها بالاً ودون أن نعلم ما فيها.
هذه المصبغة التي تأنف أن تطيل الوقوف بها، وتفزعك ظلمتها وتنفّرك رائحتها، كانت قبل ثلاثة عشر قرناً قصراً شامخ الذرى، عالي الشرفات، قوي الدعائم، تحف به الأبَّهة والوقار ويفوح منه رَوْح النَّدّ والعنبر. وهذا الزقاق الضيق المظلم الذي تمسك بأنفك إذا جزته لتنجو من روائحه الممقوتة، وتحترس في نقل خطاك إذا سرت فيه كَيْلا توحل، كان في عهد عز القصر شارعاً عظيماً تملؤه صفوف الحُجّاب وفصائل الحرس ووفود الملوك.
لنعد فنقطع في جادة الزمن ثلاث عشرة مرحلة، لنرجع إلى عهد بني أمية حيث القصر زاهٍ في دمشق، وسكانه: