بدول إسلامية عظيمة كان لها أعظم وأجلّ الآثار في خدمة الحضارة الإنسانية وتشييد بناء العمران البشري، في حين أنه على علم مفصَّل بتاريخ أوربا ودولها. بل إن الجهل لأفظع من ذلك، جهل حتى بتاريخ الأمويين والعباسيين أنفسهم، فتجد من الطلاب من لا يعرف عن قادة الفتوح الإسلامية أكثر من أسمائهم، مع أنه يعرف عن نابليون وروبسبير الشيء الكثير!
أليس من العار على الوزارة أن تدرّس التاريخ الإسلامي كله في عامين اثنين؟ وماذا يستطيع الطالب الصغير (في الصف الثالث أو الرابع، تصور!) أن يفهم من التاريخ الإسلامي، تاريخ ثلاثة عشر قرناً، في أقل من مئة وثلاثين حصة هي مجموع ما يخصَّص للتاريخ في هاتين السنتين؟ إن هذه القضية -على وضوحها وأهميتها- لم تجد لها من أعضاء المجلس واحداً يؤيدها ويدافع عنها.
* * *
وهكذا مرت جلسات المجلس، وأُعلن اختتامه كما أُعلن افتتاحه والعقدة لم تُحَلّ والمُراد لم يحصل. ولينظر القارئ في اكتفاء المجلس بثلاث جلسات فقط، مع أنه دُعي للبحث في أمر جليلٍ البحثُ فيه مستفيض واسع الجنبات، أليس معنى هذا أن المجلس إنما دُعي للمصادقة والتأمين لا للبحث والدرس؟ أوْ لا فما الذي حال بينه وبين هذا التعديل المنتظَر؟ إن تلك الدهشة العامة وتلك البرقيات والوفود التي تتالت على الوزارة يوم نشرت البرنامج تعرب عن تلك الدهشة وذلك الاستياء، إن هذا كله لم يهدأ إلا طمعاً بموقف شريف يقفه هذا المجلس، أما وقد انقضى