- دعني يا سيدي أقصّ عليك، دعني لا تغضب! إنني لم أؤثرها على غيرها لأنني كاره لأمتي أو عدو لوطني، ولم أجهل غايتها السيئة التي أُنشئت من أجلها، ولم يذهب عني أنها لم تعد ترى لسمومها مكاناً إلا في نفوس الشرقيين ... كل ذلك أعرفه، ولكني اضطررت إلى إرسال ولدي إليها اضطراراً.
- اضطراراً؟! من اضطَرّك إلى ذلك؟ هذا غير معقول.
- مهلاً يا سيدي، لا تغضب ولا تقطع عليّ حديثي. اسمع تتمة كلامي: أنا امرؤ أحب النظام وأشغف به، وقد وجدته على أتمّه في هذه المدارس. وأهوى اللغات الأجنبية وأميل إليها، وقد رأيت أنها تتقنها وتعتني بها. وأحب أن ينشأ ابني متحضراً مثقفاً، وفيها الثقافة والحضارة.
- لقد فهمت ما تريد، فأخبرني: متى يذهب ولدك إلى المدرسة ومتى يعود منها؟ وكم ساعة يجالسك فيها؟
- يذهب في الساعة السادسة صباحاً ويعود في مثلها مساء، ولا أحسب أنني أجالسه ساعة أو بعض ساعة في اليوم.
- حسن جداً، هذا ما كنت أريد أن تقوله لي. والآن أخبرني: هل تأمن معلمي «الفرير» على نفسك إذا رافقتهم عشرة أشهر متوالية من المطلع إلى المغيب، هل تأمن أن يفتنوك عن وطنيتك ودينك؟ قل لي الحقيقة، لا تحاول التملص.
- أما وقد قلت ذلك، فأخبرك أنْ «لا».
- أفأنت أصلب عوداً وأثبت على مبدأ أو طفلك هذا؟