البواكير (صفحة 5)

المقدمة

المقالة الأولى في هذا الكتاب كتبها فتى في العشرين من عمره اسمه علي الطنطاوي، والأخيرة فيه كتبها شاب في السادسة والعشرين يحمل الاسم ذاته، وبين عشرين وست وعشرين كتب علي الطنطاوي ونشر سائرَ مقالات هذا الكتاب. هذه أولى الحقائق التي أرجو أن يذكرها قارئ هذا الكتاب وهو يطوي صفحاته ويتنقّل بين مقالاته، والثانية: أن هذه المقالات قد كُتبت ونُشرت كلها أيامَ الانتداب الفرنسي على الشام، يوم كان الأمر والنهي للفرنسيين وبيد مفوَّضهم السامي الحكم والسلطان.

فمن الأولى جاء ما سترونه في مقالات هذا الكتاب من حدّة وشدّة، وهما صفتان غالبتان في سن الشباب، ومن الثانية تولدت تلك الروح الوطنية الوثّابة التي تملأ مادة الكتاب كله. ومن ثالثة سواهما: الشجاعة التي كانت من صفات علي الطنطاوي الظاهرة، شجاعة كثيراً ما وصلت إلى درجة التهور، من هذه الثالثة جاء ما تجدونه من صراحة وجَراءة قد يُعَجِّبُ كثيراً من الناس صدورُهما عن شاب في مثل تلك السن وفي مثل هاتيك الظروف.

ومن علة رابعة، من النشأة الأولى التي وفّقه الله إليها حين أنشأه في بيئة علم ودين، جاء ما تحفل به عامة مقالات الكتاب من عاطفة إسلامية فَيّاضة وحماسة دينية فَوّراة. أما ما تفيض به

طور بواسطة نورين ميديا © 2015