فهممت أن أقوم إليه فألتزمه وأهنّئه على هذا الاختراع: يصيب الناسُ الصحةَ بالغذاء وبالرياضة ويصيبها هو بالدلك وبالقرص!
ثم تخاذلت ورحت أنظر مشدوهاً إلى الحلاق وهو يصبغ وجهه بالأبيض والأحمر، ورأيتني لا أطيق احتمال هذا منه -وأنا أكره من النساء أن يفعلنه- وعجبت كيف لا ينكره هو وكيف لا يُغضبه أن يُعامَل كامرأة! ولكنه لم ينكر شيئاً، بل أشار إلى الحلاق، فجاء بإصبع حمراء فمسّ به شفتيه كما تفعل فتيات السينما سواءً بسواء!
فلم أستطع المكث بعد هذا، وقمت فجلت في السوق جولة، ثم عدت لمّا فارق الكرسي.
* * *
وبعد، فما أدري كيف أصفه؟ ولو أنت عرضته على الناس بزينته تلك ما عرفوا أرجل هو أو امرأة! ثم كانت الطامة الكبرى، فقد اقترب مني الشاب يسلم عليّ ويزعم أنني أعرفه.
قلت: أنا أعرفك؟ لا، أراك مخطئاً.
قال: كيف؟ أنا تلميذك منذ كذا سنين في مدرسة كذا، وأنا اليوم معلّم.
قلت: أنت معلم؟!
ونَدَّتْ مني صرخة تعجب ولم أُجب.
* * *